الشجاعة عند الحكماء هي منازلة الخصم بعد أن تؤخذ في الإعتباركافة المردودات السلبية والإيجابية المترتبة على تلك المنازلة.
أمّا الحماقة فهي منازلة الخصم دون أي إعتبارللنتائج المترتبة على ذلك.
وأوضح توجيه للشجاعة بيّنه نبينا الأكرم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه عندما قال
(ليس الشديد بالصرعة وإنّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)
ولازلنا نذكر قصة البدوي الذي أخذ ثأره بعد أربعين سنة فسألوه عن ذلك قال لقد إستعجلت ، تلك القصة التي يرويها أجدادنا تريد أن تجعل التروي في ردّة الفعل كبيرا للوصول لإسترداد الحقّ المسلوب بأقلّ الخسائر .
فالغضب الذي يدفع المراهقين للمواجهة دون حكمة ، ليس علامة للشجاعة بقدر ماهو علامة للحماقة التي يستغلها السياسيون عندما يجدون مقابلهم لايتحلّى بالشدّة التي يجب ان يملكون أنفسهم بها عند الغضب.
أمامنا شواهد كثيرة وأقربها الثورة السورية التي راح ضحيتها بلد كامل لعدم التخطيط السليم لها ، وصار بها الأمر للمندفعين الذين كان فعلهم محصور بردود أفعال متعجلة ، وكم صدرت اصوات حكيمة تدعوهم لتوحيد الصف بقيادة معروفة وللحوار الذي يحقن به دم الشعب السوري المظلوم بعد ان فهموا حقيقة المؤامرة على الشعب السوري إلا أنّها قوبلت بالرفض والإستهزاء من قبل المراهقين الذين زادوا رفضهم لها بالإستخفاف لحدّ التكفير لمن يسدي لهم النصح لمصلحتهم ومصلحة شعبهم ، ففقدوا بذلك الرأي الحكيم الذي يقلل خسائرهم إلى أدنى حدّ.
واليوم يكاد الأمر في العراق يخطو خطوات مشابهة والعياذ بالله تعالى بعد ان بدأ بداية حكيمة بالتظاهرات السلمية لمصلحة كلّ العراقيين مذاهبا وأديانا وقوميات ليدفعه المتاجرون بالشعب العراقي إلى إتجاهات تتناسب مع طروحاتهم الطائفية والحزبية غير آبهين بنتائج تلك الطروحات على حساب كلّ العراقيين.
فنرى ظهور دعوات المراهقين لحمل السلاح تارة وللتوجيه الطائفي تارة اخرى وتقوم أحزاب وجهات بأفعال تدفع بها المراهقين ليحققوا أطماعهم الخفيّة من خلالهم.
إنّ القوى التنسيقية لتظاهرات أهلنا في الأنبار والموصل وصلاح الدين يجب أن تتحد فيما بينها ، ويجب ان تضمن لتكون مسموعة الكلمة من قبل المتظاهرين ويكوّنوا مجموعة مشرفة بين المتظاهرين تشرف على أفعال ونشاطات المتظاهرين ويوجّهوا الناطقين بإسمها لأسلوب خطاب يدفع الشبه التي تصبّ في مصلحة من يريد بالعراق سوءا ، ليقطعوا الطريق على من يندسّ بين المتظاهرين والذين قد يدفعون الناس لأفعال تصب لمصالحهم الشخصية أو الحزبية على حساب دماء الناس ، فبدون قيادة مسموعة بين المتظاهرين سيتجه الامر بالتظاهرات غدا أو بعد غد إلى إتجاهات خطيرة يصعب السيطرة عليها ويقع العراق في مصائب كبيرة نحن في غنى عنها ، كل ذلك يعمل من قبل القوى الخفية التي تعمل في الظلام وتستغل الضعف في إدارة التظاهرات لتوجهها لإرادتها الخبيثة.
لا يخفى على أي عاقل المشروع الصهيوني الذي تتبناه الحكومة الأمريكية الساعي لتفتيت العراق ، والآلة الإعلامية الصهيونية التي تغلغلت في الكثير من فضائياتنا وباقي الوسائل الإعلامية وبمسميات قد تكون قومية أو دينية ولكنّها تساهم في التهيئة لهذه الأجندة الخبيثة بموجب دورها المرسوم لها ، لذا علينا ان ننتبه بدقّة على كلّ طرح يطرح وندرس نتيجته النفسية على المتلقي لنفوّت فرصة التهيئة النفسية للتفتيت ونحذر أكثر وبشكل خاص إن كان الطرح يتوافق مع عاطفتنا
والذي قد يدفع الآخرين للتخندق المضاد .
الخطورة الكبيرة تكمن في عدم دراسة التأثير النفسي على الجهات الأخرى والذي قد يكون يخدم المتاجرين بالطائفية دون الإنتباه لذلك.
إنّ مطالب المتظاهرين كلها مشروعة ويجب الحصول عليها لضمان عراق آمن من التفتت والسرقات ، ولكنّ سوء التصرف قد يفتح أبوابا من التخندقات الطائفية بل القتل الطائفي الذي هو أحد أهم أهداف المخطط الصهيوني ليدفعنا له.
وإذ أحيي موقف فضيلة العلامة الدكتور عبد الملك السعدي وهيئة علماء المسلمين الحكيم في تأخير توجه التظاهرات إلى بغداد فقد أظهروا بذلك حكمتهم مع أنّها خالفت إندفاع المراهقين للتصعيد الغير محسوب النتائج ، أطالب اهلي العراقيين كافة لتوخي الحيطة والحذر من إنفلات الأمر وإبقاء التظاهرات تحت إشراف الحكماء المعروفين وعدم الدفع للطائفية والمناطقية .
وليكن الحكماء والعقلاء حذرين في حال عدم سيطرتهم على التظاهرات بألا يترددوا من بيان ذلك ، ليفوّتوا فرصة إستغلالها من قبل المندسين لمآربهم الحزبية والطائفية . وتوقف التظاهرات حينئذ أهون كثيرا من الوقوع في القتل الطائفي وتفتيت العراق.
موضوع: التظاهرات وقادتها 
الجمعة فبراير 15, 2013 7:27 pm